كما أوصى الإسلام بأن يكون التعامل بين الزوجين بالمعروف أوصى أن يكون الطلاق بإحسان، فلا إيذاء ولا ضرر ولا ضرار.
والعرب تقول (الحر من راعى وداد لحظة).
كتب لها على الرمل ما وعدها أن ينقشه على الصخر..
يعلم أنه يملك فرصة التراجع عن التزامه لها واستخدم هذه الفرصة بالفعل..
انجب منها عدداً من الأبناء ثم قرر في لحظة أنه قد مل منها ومن الحياة الزوجية فطلقها وألقاها وأبناءها خارج حياته،..
لامتها أسرتها، لامها جيرانها وزملاؤها ومعارفها لأنها ولابد مقصرة..
واجتمعوا يراضونه ويعرضون عليه الصلح معها وإرجاعها على شروطه، سألوه عن السبب فلم يجب فلاموها أيضاً!
فلابد أنه سبب لا يريد أن يتحدث به، لابد أن خطأها كان كبيراً!
التزم بالنفقة حيناً ثم بدأ في سحبها تدريجياً بالتزامن مع تقليل زياراته لأبنائه..
سمع بأنها تريد أن تتزوج فأقام الدنيا ولم يقعدها وهددها بأخذ أبنائه منها فتراجعت، شعر بالارتياح بعد أن كان الدم يغلي في رأسه.
أعادها إلى ذمته وأنجب منها طفلاً جديداً ثم اختلف معها للمرة الثانية وطلقها.
ازدادت ضغوطات أهلها ومجتمعها حتى كادت تقبل قدميه ليعيدها وهو ما حدث بالفعل قبل أن يغضب منها بعد سنوات ويطلقها للمرة الأخيرة.
تتأمل نفسها في المرآة وقد مضى العمر في إرضاء شخص علمت من السنوات الأولى في حياتها معه أنهما لن يستمرا..
مع كل خلاف كانت تحمل الهم، ومع كل مولود كانت تشعر بقلق يغلب الفرح..
فلا هو الذي يتركها لتعيش حياة أخرى وتتزوج شخصاً آخر، ولا هو الذي يستقر معها ويرضى بها.
يرفض الأهل طلاق ابنتهم قبل أن يسمعوا منها، فليست امرأة صالحة تلك التي تغضب زوجها!
لتعود إليهم بعد سنوات وهي تسوق معها عدداً من الأطفال وتفقد من سنوات عمرها الكثير.
إن الطلاق الذي شرعه الإسلام إنما شرع ليكون حلاً لحيوات لا تستقيم إلا به، وتفادياً لمشكلات أكبر، وكسباً للوقت والعمر لكليهما..
وليس في الإسلام أي وصمة للمطلق أو المطلقة، بل له أحكامه التي شرعها لتنظيم عملية الانفصال وضمان الحقوق.
في ظلال القرآن:
يقول تبارك وتعالى في كتابه الكريم:
(وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما)
وفي تفسيرها يقول صاحب في ظلال القرآن:
(فأما حين تجف القلوب, فلا تطيق هذه الصلة; ولا يبقى في نفوس الزوجين ما تستقيم معه الحياة, فالتفرق إذن خير..
لأن الإسلام لا يمسك الأزواج بالسلاسل والحبال, ولا بالقيود والأغلال; إنما يمسكهم بالمودة والرحمة; أو بالواجب والتجمل..
فإذا بلغ الحال أن لا تبلغ هذه الوسائل كلها علاج القلوب المتنافرة, فإنه لا يحكم عليها أن تقيم في سجن من الكراهية والنفرة; أو في رباط ظاهري وانفصام حقيقي!)
التسريح بإحسان في التاريخ الإسلامي:
وفي عصر صدر الإسلام كان المجتمع الإسلامي يتبع المنهج الشرعي في كثير من التفاصيل المتعلقة بالزواج والطلاق وأحكامهما..
مثل تخفيف تكاليف الزواج، وانتداب حكم من أهل الزوج وحكماً من أهل الزوجة للإصلاح بينهما، و تقبل فكرة الطلاق وما يتبعه من بقاء الأبناء مع أحد الوالدين..
الأمر الذي لا يمنع من دخول هذا الطرف في زواج جديد، حيث يتربى الطفل في كنف زوج أمه أو زوجة أبيه دون تفرقة أو ظلم، تماماً كما كان من أمر الأرامل، حيث كن يلقين الاهتمام بأمر تزويجهن وتربية أبنائهن،
كما في حديث عمر بن أبي سلمة الذي تربى يتيماً في كنف النبي صلى الله عليه وسلم بعد زواجه من أم سلمة رضي الله عنها، يقول:
(كنت غلاماً في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال صلى الله عليه وسلم: “يا غلام سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك).
أحدث تعليقاتكم
الدبلوماسي | الإيدز
عباس الجبوري | تخلص من الحموضة